BLOGGER TEMPLATES AND TWITTER BACKGROUNDS »

2012-09-19

عشت وهما


اكثر ما يحزن اى شخص عدم الاهتمام
خاصة و ان كان من شخص قريب الى قلبه...او هكذا كان يظنه
فيبدأ فى اعطاء المبررات و الاعذار حتى تنفذ جميعها
و يلقى اللوم على نفسه ....انه سبب تلك الحالة بشكل ما.
كل تلك المشاعر مرت بها سمر.....سمر زوجة لم تتعد الثانية و الثلاثين من عمرها
تزوجت من شاب ميسور الحال يعمل بأحدى شركات البترول يدعى حازم.
زواجهما لم يكن عن حب...و لكنه كان زواجا تقليديا جدا.
رغم انها تزوجت فى سن الثالثة و العشرين....الا انها لم تمانع ابدا ان تخوض تجربة (زواج الصالونات)
فقد ارادت ان تتحدى كل من قال انه زواج فاتر لا يلجأ اليه الا من فقد الامل فى ان يجد الحب.
وبالفعل..بدات تشعر بتحرك مشاعرها فى بداية فترة الخطوبة
ثم تطورت تلك المشاعر الى اعجاب ثم حب
و لما لا تحبه و قد كان يعاملها معاملة الاميرات.
كانت فكرتها عن الحب .....تتلخص فى باقات الورد و الكلام العسول و الاهتمام بها فى كل لحظة
لم تر اى تفسير اخر لكلمة حب الا هذا.....و كانت ترى ان معاملته فاقت ما كنت تتوقعه....فبرغم الرومانسية التى كان يغرقها بها الا انه كان يعلم حدوده و لم يتجاوزها ابدا...و هذا ما جذبها اليه انه لم يستبح فترة الخطوبة فيتجاوز معها حتى وان كان بالقول.
مرت ايام الخطوبة و كان كل يوم يزيدها تأكدا من مشاعرها و قرارها فى اتمام الزواج.
و بالفعل تزوجا بعد ثلاث شهور من الخطبة و سافرا ليقضيا شهر العسل فى تركيا.
استطاعت سمر ان تضرب مثلا لزواج سعيد لم يأت عن طريق قصة حب......لكنه تحول الى حب
و بالفعل استمر الحب...لكنه لم يستمر لفترة طويلة...فقد شعرت فجأة بأن شرارة هذا الحب تنطفىء شيئا فشيئا,و بدا الملل و الروتين يتخلل حياتهما.....و بدأ هو الاخر يتغير معها....لم يعد يعاملها بنفس الطريقة التى كان يعاملها بها من قبل.
لم تعرف لما هذا التغير؟؟
بدأت تعطى المبررات الكثيرة.....العمل..الاجهاد....مشاكل مع زملائه
حاولت كثيرا ان تلفت انتباهه....تغير من شكلها...تتحدث معه,
لكنه كان يتهرب منها...و كأنه لا يريد حتى النظر فى عينيها فتفضحه دون ان ينطق بكلمة واحدة.
كانت تحس فى نبرات صوته او نظراته بالذنب ...لم تفهم لماذا ؟؟؟؟
نفذت لديها المعاذير......لم تعد تفهم شيئا.....كتمت ما بداخلها فلم ترد ان تخبر احدا بما يدور بين جدران منزلهما
فقد عاهدت نفسها الا يعرف احد اسرار بيتها حتى والدتها او اقرب الناس اليها.
بدأ الشك يتخلل قلبها....لم تعرف كيف تفكر
توقف عقلها عن التفكير....بدات تشعر بالاختناق
ساورتها الشكوك و الظنون.......ايعقل ان يحدث هذا؟

كثيرا ما يشعر احدنا انه محاصر رغم الحرية
محاصر بالشكوك و الذكريات....محبوس داخل سجن التوتر و القلق
تنتظره ليموت رعبا و قلقا مما يمكن ان حدث.
و هكذا كانت سمر...حبيسة شكوكها ....غير قادرة على ان تصرح بها لاحد حتى حازم.
خافت ان تكون مخطئة......تخاف ان تظلمه
لكنها لا تطيق الاحتمال........احتمال الخيانة الذى هو بمثابة حبل المشنقة
اذا كان صحيحا ما تظنه ...فقد حكم عليها بالاعدام
كلما جمعت قواها لتصارحه بما تشعر به....توقفت وكأنما ربط لسانها بلجام فلم تستطع الكلام.
ساد الصمت البيت........لم تعد الحياة كما كانت....لم تشعر به معها فغى المنزل
كلما نظرت اليه شاح بوجه عنها......و كأنه يهرب من النظر اليها
و اخيرا قررت التكلم.....قررت الخروج من قوقعة الصمت و السكون
فاختارت الحياة و فضلت ان تعرف الحقيقة و ان كانت مؤلمة على ان تبقى هكذا فى ظلمات المجهول .
استجمعت قواها....رتبت افكارها....ذهبت لتواجهه
نظرت اليه....كعادته تهرب من نظراتها
ظلت عيناها تتابع عيناه حتى استسلم لها.......لما تنظرين لى هكذا؟؟
لم تعرف كيف تبدأ........فألقت القنبلة بكل ثقلها عليه,
لما تتهرب منى هكذا؟؟........أتوجد اخرى؟؟
نظر اليها و الالم يعتصره من الداخل
فرأت فى عينيه خوف..و قلق من الاجابة
خافت هى الاخرى .....بدات تشعر بأن ما كانت تظنه حقيقة.
كانت تدعو ربها الا تعيش حتى تسمع منه (نعم), فيقبض روحها و يخلصها .
كانت تلك الحظة هى اطول لحظات حياتها
و هى تنتظر اجابته....التى ظنت انها قد عرفتها....و لكنها تنتظرها حتى يكون لديها الدليل الوحيد فلا يوجد ادنى شك.
لم يكن من السهل عليه ان يخبرها......فكل كلمة ينوى النطق بها هى بمثابة سهم قاتل...سوف يخترقها
نظر فى عينيها مباشرة......ثم ضمها الى صدره فى بطء لتشعر بالأمان......اراد ان يمحو تلك الفكرة من رأسها
لم يردها ان تظن به الخيانة .و كأنها كانت تنتظر تلك اللحظة منذ زمن ....فبمجرد ان ضمها حتى تشبثت به كالطفل التائه الذى وجد امه بعد بحث طوييل.
على رغم من السعادة التى شعرت بها عندما احتضنته...الا ان ذلك الحضن لم يزدها الا رعبا مما هو آت.
كانت عيناه تغمرها الدموع...حاول جاهدا الا يظهر ذلك..و لكن لم يستطع ان يتمالك نفسه و هو يخبرها
سمر......قالها و ساد الصمت لفترة ثم عاود
لم يكن من السهل على ان اتجنبك.....لكنى لم استطع .
لم تفهم شىء...كانت تنظر له نظرة تخالطها الحيرة..فلم تستطع ان تقرأ ما يدور فى ذهنه.
و لما تفعل ذلك....هل اخطأت فى شىء؟؟؟
ليتك اخطات فاعاتبك....و لكن الامر ليس بيدك
ظلت نظرة الحيرة تعترى وجهها....تفتش عن المعنى فى ثنايا كلماته...و لكن لا جدوى.
لا افهم...لم اخطأ...أذا لماذا هذا التغير المفاجىء...دون سابق انذار...
ثقلت الكلمات على لسانه....و لكنه اراد ان يتخلص من ذلك الحمل الثقيل...فلم يعد يتحمله.
اريدك ان تعدينى بشىء.....ان تتمالكى اعصابك و تتقبلى الامر....فهو قضاء و قدر.
تسارعت دقات قلبها حتى كاد ان يخترق صدرها الذى ضاق به....لم تنطق بكلمة و داخلها يصرخ طالبا الخلاص
راجية ان يخلصها من عذاب الانتظار
اتذكرين عندما ذهبنا لاجراء الفحوصات التى طلبها الطبيب؟؟
لقد تحدث معى الطبيب منذ ثلاث اسابيع.....و اخبرنى .....اخبرنى انك مصابة بسرطان الدم.
ذلك القلب الذى كاد ان يخرج من بين ضلوعها توقف......تلك الانفاس المتلاحقة تباطأت.....تلك الحيو الحائرة تجمدت
شل تفكيرها......لم تنطق و لم تتحرك.
انهمرت الدموع من عيني حازم ....فلم يستطع كتمانها ولا السيطرة عليها
امسك خديها بيديه...يريد ان يمسح دموعها.....اراد ان يهون عليها مآساتها.
ذلك قضاء الله......فلا تجزعى
انه ابتلاء.....ابتلاء عظيم و لكن هذه اراده الله ....يريد ان يختبر قوة ايمانك و صبرك على البلاء.
اعرف انى قد قسوت عليكى عندما عاملتك ببرود...و كنت اتجاهلك.....و لكنى لم استطع ان اتعايش مع الفكرة فى البداية
و كلما نظرت لكى و رأيتك تحاولين التقرب منى و ارضائى...زاد الالم بداخلى.....لم اعرف كيف اقولها لكِ؟
كنت اراك حائرة.....ولم تتحدثى لأحد...حتى لا تخرجى اسرارنا خارج المنزل...فتكبرين بنظرى كثيرا
و تزيدى من ألمى....لم تسهلى عليّ ابدا الطريق لاخبرك...بل جعلتينى اتراجع كلما قررت التحدث.
رغم ما بها...كانت تسمعه بكل لهفة....فكم ارادت ان تعرف السبب.
حزنت لظنها السوء به....و لكنها فرحت لما سمعته....عرفت النهاية المحتومة...نهاية الصراع مع هذا المرض
و لكنه هوّن عليها كثيييرا مما سوف تلقاه......فقد رأت فى عينيه حب لم تره من قبل.....عرفت انه احبها اضعاف
حبها له.....و لأنه احبها .....كان قاسيا عليها.

للحب معان كثيرة.....و طرق اكثر....لا يعرفها الكثير..
و لكن لا يدركها حقا الا من شعر به و تعلق قلبه بأحدهم فيبدأ فى ايجاد تلك الطرق ليعبر بها عن حبه
ليحميه....ليسعده.

0 اللى زارونى: